حسام |
الأستاذ علي، نرحب بك من جديد في البرنامج العربي في الأس بي أس.
|
علي |
شكراً أستاذ حسام. يسعدني أن أكون في ضيافتكم . |
حسام |
أستاذ علي. لقد أصدرت كتابك دليل المترجم باللغة العربية في عام
2001.
وها أنت تصدر كتابك الثاني باللغة العربية بعنوان "دليل الترجمان في مبادئ
الترجمة الشفهية". فيا حبذا لو تحدثنا عن الأسباب والغايات التي دفعتك
لإصدار كتابك الجديد. وما الفرق بين الكتابين؟ |
علي |
بالطبع أستاذ حسام.
عندما أصدرت كتابي الأول بطبعته المحدودة كان ذلك استجابة لحاجة طلابي في
الجامعة، إذ لم يكن هناك كتابٌ باللغة العربية يعنى بهذه المادة ولم تكن هناك
مراجع يمكن للطالب والممارس أن يعولا عليها. فكان لذلك الكتابِ وقعٌ إيجابي
ليس في أستراليا فحسب بل في أرجاء أخرى من العالم والوطن العربي.
|
حسام |
وكيف خططت للكتاب الجديد الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه يحمل عنواناً
متشابهاً. |
علي |
الحقيقة يا أستاذ حسام. الكتاب الجديد دليل الترجمان هو كتاب يُعنى بالترجمة
الشفهية. ولقد ميزت فيه بين الاسمين تمييزاً لشقي الترجمة التحريرية، أي
translation
، والشفهية ،
interpreting
. وكنت قد أدخلت هذا الفرق في الاصطلاحين في عام
1989
عندما كنت أدرس في جامعة ديكن. والفرق بين
المترجم والترجمان له شواهد لغوية في استعمال لفظ الترجمان وتخصيصه للترجمة
الشفهية. وهذا ما شرحته في معرض إظهار الفروق بين الترجمة التحريرية والترجمة
الشفهية. وما دفعني لوضع هذا الكتاب الجديد هذا العام هو افتقار المكتبة
العربية بشكل خاص والمكتبة الإنجليزية عموماُ إلى الكتب المتخصصة في هذا المجال،
سواء أكان ذلك على الصعيد المحلي أم الصعيد العالمي. |
حسام |
تتحدث في مقدمة كتابك عن الأزمة المهنية التي أحدثها الطلب المفاجئ على
المترجمين والتراجمة بسبب تدفق اللاجئين من بلاد الشرق الأوسط ، ولا سيما من
العراق. فهلا شاركت المستمعين بما ورد من أفكار وملاحظات بهذا الصدد؟
|
علي |
طبعاً. أستطيع أن أركز على نقطة مهمة وردت في المقدمة ، ألا وهي أن زيادة
الطلب المفاجئةَ على المترجمين والتراجمة - على الصعيد المحلي والدولي كذلك -
أظهرت عجزاً كبيراً ونقصاً حاداً في كفاءات بعض الممارسين من حيثُ المهاراتُ
اللغوية والأداءُ والتواصلُ وأوجهُ أخرى من أوجهِ الاحتراف المهني لدى
معظم الذين تدافعوا لتلبية احتياجات السوق. ومما لا يقبل الجدل ، أستاذ حسام
، أن كثيراً منهم لم يكونوا على استعداد ولم تكن لديهم المهارات المطلوبة
للقيام بالترجمة بشقيها لاسيما الشفهيةُ منها. فمعظم الذين دخلوا مهنة
الترجمة لم يتلقوا التدريب في أصولها وأنماطها وتقنياتها فعكس أداؤهم مستوى
تدريبهم وتمكنهم من تلك الأمور والنواحي. أما من تلقى التدريب منهم في دورات
ومساقات خاصة جامعية ومهنية فقد كان حظه أسعد من غيره. وقد رأينا من مواقف
الترجمة المضحكة والمحرجة على شاشات الفضائيات العربية والأجنبية ما يدعو
للتساؤل والدهشة. |
حسام |
صراحتك وتحليلك الإيجابي لافتان للنظر. فهذا أمر لا يتطرق إليه كثيرون. أستاذ
علي. من الملاحظ أن اهتمام القائمين على تدريب المترجمين والتراجمة ينصب في
الآونة الأخيرة على التأهيل الرسمي من الهيئة الوطنية المعروفة بـ "ناني"،
وهذا ما تشير إليه في كتابك. فهل لك أن تحدثنا عن تلك الظاهرة. |
علي |
أستاذ حسام. لقد دأبت "ناني" أو الهيئة الوطنية لتأهيل المترجمين والتراجمة
في أستراليا على رفع مستوى المهنة والعاملين في حقل الترجمة بشقيها التحريري
والشفهي على مدى أكثر من
20
عاماً ، وما تزال تسعى إلى تحسين أوضاعهم من خلال الامتحانات الدورية
والمنتظمة والمساقات التحضيرية والخاصة كذلك. وقد انصرف بعض المؤسسات
التعليمية الجامعية إلى تقديم مساقات تأهيلية وبرامج تدريبية في الترجمة.
وهذه توافر المعرفة
والمهارات اللازمة للقيام بهذه المهنة بوعي وكفاءة وجدارة. ولكن من المؤسف
القول إن التركيز على الاعتراف بكفاءة المترجم واعتماد مؤهلاته رسمياً أصبح
الغاية المنشودة والهدف المطلق لكل من له علاقة بمهنة الترجمة، سواءٌ أمترجماً كان أم مستفيداً من خدمات الترجمة أو جهةً رسميةً أو وكالةً
للترجمة أو مؤسسةً تعليميةً غايتها تدريب المترجمين وإعدادهم لمزاولة المهنة. فصار يطغى ذلك على الشروط والكفاءات والمهارات الأساسية التي تشكل الركيزة
الأولى والنواة في تأهيل المترجم وإعداده، على حساب النظم والمنهجيات الأخرى
المتوافرة لتقويم طلاب الترجمة كالتأهيل التدريجي أو ما يعرف بـ
(graduated
accreditation) والإجازة المعتمدة
أو
(certification).
|
حسام |
وما هي آثار ذلك على طلاب الترجمة وممارسيها؟ |
علي |
يقول المثل الإنجليزي ، أستاذ حسام، "you
cannot see the forest for the trees"،
أي أنك لا تستطيع رؤية الغابة بسبب الأشجار ، لقربك منها. والقصد من هذا
المثل أن الانشغال بالجزئيات يصرفنا عن الكليات. والتأهيل الرسمي ناحية واحدة
لا ينبغي أن تكون الغاية والوسيلة. ففي ظل منظومة تجيز المترجمين من خلال
امتحان يخضع في بعض نواحيه لنزوات المصحح وأهوائه ومعرفته أو جهله بأصول
الترجمة ومدى سعة اطلاعه على دقائق اللغتين وطرائق استعمالهما، بل درجة تمكنه
منهما، وكذلك على فلسفته الخاصة ونظرته الشخصية وقدرته على تفسير المعايير المعتمدة والإحاطة بمجمل معاني النص وأبعاده اللغوية والبيانية والبلاغية
والحضارية والمعرفية وما إليها، تكون الموضوعية والجدارة الضحية الأولى. ذلك
أن اجتياز امتحان
يستغرق ساعتين أو أكثر لا يضمن كفاءة المرشح إلا في النص الذي ترجمه وقام
المصحح بتقويمه على هواه بمعزل عن مجمل المزايا والشروط التي يجب أن تتوافر
في مزاول المهنة. والإجازة لا تضمن الجودة. وإنما المراس في الممارسة
،
كما أقول،
الممارسة الواعية
التي تعتمد العلم والمعرفة والتمحيص والبحث والتدقيق وتلتزم بأسس علمية
وقواعد منهجية ثابتة وواضحة ومحددة. |
حسام |
إذاً، حدثنا ، أستاذ علي ، عن محتويات الكتاب والنهج الذي اتبعته لتمكين الطالب والممارس من
تخطي هذه العقبة خلال الدراسة وفي ميدان العمل. |
علي |
بالطبع. أستاذ حسام. يحتوي الكتاب على خمسة عشر فصلاً ، ومسردٍ ومراجع. تتناول
هذه الفصول الترجمة الشفهية ، تعريفها والفرق بين المترجم والترجمان،
والتواصل الحي، والفرق بين الكتابة والخطابة، والتواصل الثنائي اللغة في إطار
الترجمة الشفهية. وقد أفردت فصلاً لأنواع الترجمة الشفهية ثم خصصت فصلاً
منفصلاً لكل نوع من أنواعها وشروطها ووضعيتها. وخصصت فصلاً للذاكرة وأهمية
ذلك للترجمان، وفصلاً يشرح دور الترجمان في عملية التواصل ، وآخر يعرض لمبادئ
الترجمة الشفهية وفن الخطابة وأصول التلفظ. ثم تناولت موضوعاً يؤرق طلاب الترجمة الشفهية ألا وهو
تدوين الملاحظات. ثم عرضت لأهمية الاستقراء والتضمين في الترجمة وختمت الكتاب
بمسائل تتعلق بأخلاقيات الترجمة الشفهية، والمواقف التي يجد الترجمان نفسه
فيها ، وهي كثيرة ومعقدة تتطلب وعياً كاملاً من الترجمان لأبعادها المهنية
والوظيفية والقانونية والاجتماعية وما إلى ذلك من أمور. |
حسام |
من الواضح أن الكتاب كتاب منهجي يعرض تلك المادة المعقدة والجافة أحياناً
بأسلوب سلس وسهل المتناول. |
علي |
نعم أستاذ حسام. لقد توخيت أن يكون الكتاب مرجعاً واضحاً يمكن الطلاب
والممارسين من الخروج من مأزق التأهيل الواهم وذلك بالاستناد إلى نظريات
ونماذج حديثة. |
حسام |
أستاذ علي. أشكر لك هذه المقابلة وأتمنى لك دوام التوفيق. |
علي |
أستاذ حسام. أشكرك بدوري وأشكر إذاعة الـ
SBS
على اتاحة هذه الفرصة لي. |